Рет қаралды 2,123
الدرس الخامس عشر:
من وصايا القوم رضي الله تعالى عنهم
ـ مبنى طريق الإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله تعالى عنه.
قال الشيخ زروق رضي الله تعالى عنه: (مبنى طريقِ الشاذليِّ رضي الله تعالى عنه: اللجأُ إلى الله تعالى في المبادي، والشكرُ له في التناهي، والرضا عنه في الواردات، والصبرُ له في المكاره، والتسليمُ له في الأقدار، وإيثارُ حقِّهِ سبحانه وتعالى على كلِّ شيء وفي كلِّ شيء.
وبابُ هذا الجمع: استدامةُ الذكر مع الاستحضار؛ بأن يستحضرَ الشخصُ في غالب أوقاته أنه بين يدي الله، وأنه جلَّ وعلا مطَّلعٌ عليه ورقيبٌ عليه، وأنه سبحانه خالقٌ لحركاته وسكناته، وأقواله وإراداته، وما وقع عليه أو منه من خير أو شر، أو نفع أو ضر، كلُّ ذلك خلقُ الله وتقديره؛ مع ملاحظةِ أنَّ ما وقع منه من المخالفات مؤاخذٌ به باعتبار كسبه المكلَّف به، ولا ينظرُ في ذلك إلى خلق الله وتقديره؛ لأنَّ ذلك محجوب عنه، ولا عِلْمَ له به عند إقدامه على المخالفة؛ ولذلك قال الله تعالى في الردِّ على المشركين المحتجين بالقضاء والقدر بقولهم: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا}: {قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا}.
فإذا حصل هذا الاستحضار أوجب له الشكرَ لله تعالى على ما خلق فيه من الطاعات، فيرى الشكرَ كلَّه لله تعالى، ويتبرَّأُ من حولِ نفسِه وقوَّته.. وأوجب له أيضاً اللجأَ إلى الله تعالى في غفرانِ ما اكتسبَ من الزلات).
ولا بدَّ لمن أراد معرفة الله تعالى من تعلُّم العلم النافع الذي يؤدِّي به العبادات، ويعرفُ به صفات النفس الباطنة، ويقدِّم قبلَ الجميعِ معرفةَ عقيدةِ أهل السنة والجماعة؛ ليعرفَ ما يجبُ لله وملائكته ورسله، وما يستحيل وما يجوز؛ ليَسْلَم من التصوُّرات الفاسدة؛ ولذلك كانت طريقُ السادةِ الصوفية مبناها على طلب العلم، وكثرة الذكر مع الحضور، وكانت بهذا الاعتبار أسهلَ الطرقِ وأقرَبها في الوصول إلى معرفة الله تعالى؛ لأنَّ ما في النفس من النور الأصليِّ يتعاضدُ ويَقوى بنور العلم لمن يشتغل به وبنور الذكر؛ حتى يندفعَ ما فيها من الرذائل، ويزدادَ إقبالها على حضرة القدس، وإدبارُها عن الدناءات، حتى تنمحقَ عنها بالكلية، ويحرقَ الذكر من القلب ما سوى المذكور.
ولا بدِّ أن يصحِّح مقصدَهُ في ابتداء أمره؛ وهو أن يكون قصدُهُ التقرُّبَ إلى الله تعالى، والتعبُّدَ محبةً له، من غير التفات إلى غير ذلك؛ وليكن مبتهلاً إلى الله تعالى في تحصيل مقصده، متوسِّلاً إلى الله تعالى بالأدعية التي تنوِّه بذكر ذلك.
فعلم من ذلك: أنَّه لا بدَّ للمريدِ من ذكرٍ ووِرْدٍ يواظب عليه؛ لأنَّ الذكرَ يكونُ كالمصباح في يده يستضيء به، وتحصل الواردات في قلبه بقدر ذكره وورده.
والكلام على فضل الذكر وما وَرَدَ فيه شهيرٌ لا حاجة إلى الإطالة بذكره..