تسجيل صوتي لقصيدة #مأساة_حارس_الملك لشاعر #اليمن ومفكرها الكبير #عبد_الله_البردوني والمنشورة في ديوان ” وجوه دخانية في مرايا الليل ” والمذيل بتاريخ اكتوبر 1976م ، وقد جاءت في قالب درامي مذهل ومتنامي في تصوير مشاهده وتتابعها يرى في البعد الثقافي والسياسي حاملا في سياقه العام للفكرة , فهي تسخر من غباء الحكام , ومن همجيتهم ومن سمات الفوضى المعرفية والأخلاقية والنفسية في تعاملهم وتعاطيهم مع مفردات الحكم اليومية وضروراتها، هذا النص من عنوانه يحيل إلى المسرح الهازل , وتنثال صوره الكاريكاتورية كـ”رفعت أنفا كأعلى مئذنة” وغيرها لتشهر سلاحا قاطعا ضد الخواء والجنون والتسلط والطغيان وضد الفراغ النفسي والفكري والاخلاقي , والوعي الشعري هنا يبدو في أعلى درجات الذكاء إلا أنه يبطن تحت المرح الساخر صواعق تمنع الانهيار النفسي وتنتصر عليه كمغالبة لقهر الواقع ، فالحارس يوشي بجبال اليمن المعارضة للحاكم فيجيب الحاكم : اقتلوهم ، احبسوهم ، اسحبوهم، الحاكم هذا لا يعرف حتى أن هذه أسامي " أمكنة " وحتى بعدما وضح له الحارس ذلك ، لم يتراجع وانما استمر وبدأ بشرح كيف اكتسب حق الحكم عن ابيه وجده ولم تقطع سلسلة " العنعنة " سوى طلقة انطلقت تنبئ بثورة قادمة ، وعوضا عن أن يتوجه الحارس للدفاع عن سيده الحاكم فهو ينوي الهرب والانضمام للثوار، هذا ديدنه منذ القدم فهو مجرد " سيف " كما يصف نفسه، يتلوّن بلون حامله، معدوم الشخصية والمبدأ، البردوني لا يصف حال الحارس فقط ، بل هو يلمح بدهاء الى اليمنيين " العسكر " والذين يشكلون معظم المجتمع، الذين احترفوا الارتزاق كمصدر للرزق ، وللأسف فهذا النموذج يتكرر كثيرا عبر تاريخ اليمنيين حتى اليوم ..
سيدي: هذي الروابي المنتنة
لم تعد كالأمس، كسلى مذعنه
(نقم) يهجس، يعلي رأسه
(صبر) يهذي، يحد الألسنة
(يسلح) يومي، يرى ميسرة
يرتئي (عيبان)، يرنو ميمنه
*نقم وعيبان: جبلان مطلان على صنعاء
(صبر): جبل مطل على " تعز"، ( يسلح ) ربوة بين منطقة " صنعاء " والمناطق الوسطى
لذرى (بعدان) ألفا مقلة
رفعت، أنفاً كأعلى مئذنة
*بعدان: مجموعة جبال محزمة بالقرى والحقول تقع في محافظة " إب "
***
أقتلوهم، واسجنوا آباءهم
واقتلوهم، بعد تكبيل سنه
أمركم لكن! ولكن مثلهم
سيدي: هذي أسامي أمكنه
هم شياطين، أنا اعرفهم
حين أسطو، يدعون المسكنة
(صبر) وغد، أنا رقيته
كان خبازاً، أحله معجنه
(نقم) كان حصاناً لابي
اطحنوه علفاً للأحصنة
اقتلوا (يسلح) ألفي مرةٍ
إسحبوا (عيبان) حتى (موسنه )
*موسنة: منطقة تبعد عن عيبان 100 كم وتقع في " حراز"
أقلعوا (بعدان) من أعرقه
انقلوا نصف (بكيل) (مقبنة)
*مقبنة: منطقة قريبة من" تعز "، كانت تخضعها وما حولها رجال منطقة " بكيل " شمال اليمن
***
أمركم لكن! ولكن اقطعوا
رأسه، دع عنك هذى اللكننة
عن أبي، عن جده مملكتي
طلقة بثت خيوط العنعنة
سيدي: إطلاق نارٍ، ربما
ثورة، قل تسليات محزنة
***
هاجس في صدر مولانا: أتت
من تخوفت، أكانت ممكنة
آخر الهمس، سكوت أو لظي
أول العزف المدوي دندنه
الجهات الأربع احمرت، عوت
السماء الآن، صارت مدخنه
مهرجان دموي.. ما الذي
شب عينيه؟ ومن ذا لونه؟
الشياطين الذين انفلتوا
عرفوا أدهي فنون الشيطنة
***
إمض يا جندي ومزقهم… نعم
فرصة اخرج، أرمي السلطنة
اشعر الثوار أني منهمو
سوف تبدو سيئاتي حسنه
لست من عائلة الأسياد يا
إخواني، إني (مثنى محصنة )
إنني سيف لمن يحملني
خادم الأسياد، كل الأزمنة
كنت في كفي (أبي جهل) كما
كنت في تلك الأكف المؤمنة
في فمي (ارجوزتا هند) كما
في فمي (الأعراف) و(الممتحنة)
كنت في كفي (يزيد) شعلة
في يد (السبط) شظايا مثخنه
وتمصعبت بكفي (مصعب)
و(لمروان) حذقت المرونة
اعرف الموت (مقامات) هنا
ها هنا أشدو المنايا (الميجنة)
ينتضيني، من يسمى سيداً
أو هجيناً، واليد المستهجنة
إنني للمعتدي، بي يعتدي
للمضحي، بي يفدّي موطنه
حين قلتم ثورة شعبية
جئتكم اشتاق كفاً متقنة
رافضاً كالشعب أن يدميني
(اخزم) ثان جديد (الشنشنة)
الشنشنة: الطبيعة أو العادة السيئة، وفيها إشارة الى المثل العربي: شنشنة أعرفها من أخزم، في إشارة إلى العقوق
***
علمت خطوي حماسات الذرا
قلق الريح وفن المكننه
لا عيالي شكلوا مبخلة..
ليديّ لا بناتي مجبنه
*مبخلة: أسباب البخل
*مجبنة: أسباب الجبن وفي الأثر ( الأولاد مجبنة مبخلة)
***
صرت غيري، ولعيني موطني
صغت جرحي أنجماً مستوطنه
عن مماتي: وردة تحكي، وعن
مولدي في الموت تنبي سوسنه
فترةً، وارتد مولانا إلى…
ألف مولى، سلطنات (كومنة)
*الكومنة: إدعاء الشجاعة في اللهجة المحلية
أي نفع يجتني الشعب إذا
مات (فرعون) لتبقى الفرعنه؟
نفس ذاك الطبل، أضحى ستة
انما أخوى وأعلى طنطنه
يمنوّني، يسروني، توجوا
من دعوها الوسط المتزنه
جاءنا المحتل، في غير اسمه
لبست وجه النبي القرصنه
سادتي عفواً ! ستبدو قصتي
عندكم عادية، ممتهنه
***
كنت سجّاناً أدق القيد عن
خبرة، صرت أجيد الزنزنة
أقتل المقتول، أُدميه إلى
أن أرى الإسرار، حُمراً معلنة
***
قد تطورت على تطويرهم
وأنا نفس الاداة الموهنه
محنتي أني - كما كنت - لمن
هزني، مأساة عمري مزمنة
(أكتوبر 1976)
....
اليمن - البردوني - عبد الله البردوني - شاعر - قصيدة -فيلسوف - اعمى - ضرير - إلقاء - شعر - الإمامة - الثورة