Рет қаралды 1,662
• The Four Principles of... / @ibn_arabi -- www.ibnalarabi.com/video
بشرى سيف بن ذي يزن لعبد المطلب برسالة محمد صلى اللّه عليه و سلم،
و خلافة بني العباس حين وفد عليه في وفد قريش
روينا من حديث أحمد بن عبد اللّه قال: ثنا سليمان إملاء، ثنا أحمد بن يحيى بن خالد الراقي، نبأ عمرو بن بكر بن بكّار القصيّ، عن أحمد بن قاسم الطائي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: لما ظهر سيف بن ذي يزن على اليمن فظفر بالحبشة و نفاهم عنها، و ذلك بعد مولد النبي صلى اللّه عليه و سلم بسنتين، أتته وفود العرب و أشرافها و شعراؤها تهنّئه و تمدحه، و تذكر ما كان من بلائه في طلب ثأر قومه، فأتاه وفد قريش و فيهم عبد المطلب بن هاشم، و أمية بن عبد شمس، و عبد اللّه بن جدعان، و خويلد بن أسد بن عبد العزّى، و وهب بن عبد مناف بن زهرة، في أناس من وجوه قريش، فقدموا عليه بصنعاء، و هو في رأس قصر له يقال له غمدان، و هو الذي قال فيه أمية بن أبي الصلت:
لا تطلب الثأر إلا كابن ذي يزن يتمّم البحر للأعداء أخوالا
أتى هرقل و قد شالت نعامته لم يجد عنده النصر الذي شالا
ثم انتهى عنه كسرى بعد تاسعة من السنين يهين النفس و المالا
حتى أتى ببني الأحزان يحملهم تخالهم فوق متن الأرض أجبالا
من مثل كسرى شهنشاه الملوك لهم ميل و هدي يؤم الجيش أرسالا
للّه درهم من فتية صبروا ما إن رأيت لهم في الناس أمثالا
بيض مرازبة غلب حجا حجة أسد يربين في الغيضات أشبالا
يرمون عن شدف كأنها غيظ بزمخر تعجل المرمى إعجالا
لا يضجرون و إن كلّت نوائلهم و لا ترى منهم في الطعن ميّالا
أرسلت أسدا على سود الكلاب فقد أضحى شديدهم في الناس إقلالا
فاشرب هنيئا عليك التاج مرتفعا في رأس غمدان دار منك محلالا
و اشرب هنيئا فقد شالت نعامتهم و اسبل اليوم في برديك إسبالا
تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
قال: فاستأذنوا عليه، فأذن لهم، فإذا الملك متضمّخ بالعنبر ينطف، و بيض المسك من مفرقه، و عن يمينه و عن شماله الملوك و أبناء الملوك و المقاول، فلما دخلوا عليه دنا منه عبد المطلب فاستأذن في الكلام، قال له سيف بن ذي يزن: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك فقد أذنّا لك. فقال عبد المطلب: أيها الملك، إن اللّه قد أحلّك محلا رفيعا شامخا منيعا، و أنبتك منبتا طابت أروبته، و عذبت جرثومته، و ثبت أصله، و بسق فرعه، في أطيب موطن، و أكرم معدن، فأنت أبيت اللعن رأس العرب، و ربيعها الذي تخصب به، و أنت أيها الملك رأس العرب الذي له تنقاد، و عمودها الذي عليه العماد، و معقلها الذي يلجأ إليه العباد، سلفك لنا خير سلف، و أنت لنا منهم خير خلف، فلم يهلك من أنت خلفه، و لم يخمد ذكر من أنت سلفه، نحن أيها الملك أهل حرم اللّه و رسوله و نبيّه، أشخصنا إليك الذي أبهجنا لكشف الكرب الذي فدحنا، و نحن وفد التهنية لا وفد المرزية.
فقال سيف بن ذي يزن: و أيهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف. قال: ابن أختنا. قال: نعم. فأدناه ثم أقبل عليه و على القوم. قال:
مرحبا و أهلا، و ناقة و رحلا، و مناخا سهلا، و ملكا رعلا، يعطي عطاء جزلا. قد سمع الملك مقالتكم، و عرف قرابتكم، و قبل وسيلتكم، و أنتم أهل الليل و النهار، لكم الكرامة إذا أقمتم، و الحباء إذا أظعنتم، انهضوا إلى دار الضيافة و الوفود. و أمرهم بالإنزال، فأقاموا شهرا لا يصلون إليه، و لا يؤذن لهم في الانصراف. ثم انتبه لهم انتباهة، فأرسل إلى عبد المطلب دونهم، فلما دخل عليه أدناه و قرّب مجلسه و استحباه، ثم قال له: يا عبد المطلب، إني مفوّض إليك من سرّ علمي ما لو غيرك يكون لم أبح به، و لكن وجدتك معدنه، فأطلعتك طلعه، فليكن عندك مطويا حتى يأذن اللّه فيه، فإن اللّه تعالى بالغ أمره،
إني أجد في الكتاب المكنون، و العلم المخزون، الذي اخترناه لأنفسنا، و احتقبناه دون غيرنا، خبرا عظيما، و خطرا جسيما، فيه شرف الحياة، و فضيلة الوفاة، للناس كافة، و لرهطك عامة، و لك خاصة.
فقال عبد المطلب: مثلك أيها الملك من سرّك و برّ، فما هو؟ فذاك أهل الوبر زمرا بعد زمر. قال: إذا ولد بتهامة غلام به علامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، و لكم به الزعامة إلى يوم القيامة. قال عبد المطلب: أبيت اللعن، لقد أبت بخير ما آب به وافد قومك، و لو لا هيبة الملك و إعظامه و إجلاله لسألته من سأراه إياي ما ازداد به سرورا.
قال سيف بن ذي يزن: هذا حين يولد فيه أو قد ولد، اسمه محمد، بين كتفيه شامة، يموت أبوه و أمه، و يكفله جده و عمه، قد وجدناه مرارا، و اللّه باعثه جهارا، و جاعل له منا أنصارا، يعزّ بهم أولياءه، و يذل بهم أعداءه، و يضرب بهم الناس عن عرض، و يستبيح بهم كرائم الأرض، يعبد الرحمن، و يزجر الشيطان، و يخمد النيران، و يكسر الأوثان، قوله فصل، و حكمه عدل، يأمر بالمعروف و يفعله، و ينهى عن المنكر و يبطله.
قال عبد المطلب: أيها الملك، عز جارك، و سعد جدك، و علا كعبك، و نما أمرك، و طال عمرك، و دام ملكك، فهل الملك سارّي بإفصاح، فقد أوضح بعض الإيضاح. قال سيف بن ذي يزن: و البيت ذي الحجب، و العلامات ذي النقب، إنك يا عبد المطلب لجده بلا كذب.
قال: فخرّ عبد المطلب ساجدا. فقال سيف: ارفع رأسك، فقد ثلج صدرك، و علا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟ قال عبد المطلب: نعم أيها الملك، إنه كان لي ابن، و كنت به معجبا، و عليه رفيقا، فزوّجته كريمة من كرائم قومي: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة، فجاءت بغلام و سمّيته محمدا، و مات أبوه و كفلته أنا و عمه، بين كتفيه شامة، و فيه كلما ذكرت من علامة.
.....