Рет қаралды 58,650
✍ ألِه بمعنى عبد، والعبودية ليست مُجرَّد السمع والطاعة، ولكن هي كذلك مع غاية المحبة.
✍ ألِه بمعنى تحير، ولذلك أحد شعارات العارفين زِدني فيك تحيراً. أي زِدني فيك تألهاً. وكيف لا نتحير في رب جليل، وإله مُفرَد عظيم واحد أحد، ليس له مثيل؟ والفكر كما أقول دائماً لُعبة مُقارَنة، شيء يُقارَن بشيء، فتفهم. لكن الله لا يُقارَن بشيء، ولا يُقارَن به شيء، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ *. ومن هنا الحيرة في كُنهه، لا في أصل أنه موجود. كل ما في الوجود مُنادٍ وبصوت جاهر على أنه موجود.
✍ وألِه بمعنى اشتاق. كل ما في وجوده يشتاق إليه، علم العاقل منهم أم لم يعلم.
✍ جلال الدين الرومي الشاعر المُسلِم الوحيد، الذي وصل إلى العالمية وبسلاسة. ابنة الرئيس ترامب Trump تكتب كلاماً وفي أسفله؛ رومي Rumi. يعرفه الشرق والغرب، وقد عرف الله لا على أنه حاكم مُسيطر يطلب منا السمع والطاعة وانتهى كل شيء، عرفه بشكل أساسي على أنه محبة، ولذلك افتتح ديوانه العظيم (المثنوي)، بأنشودة الناي (أنين الناي).
هاكم الناي جاء يحكي حكايته ومن شدة الألم يشكو شكايته.
إلى أن يقول في أثناء هذه الحكاية الرمزية الجميلة جداً:
فكل ما قُطع عن أصله أبداً يحن إلى زمان وصله.
✍ هناك الوله بمعنى الحُزن. والحُزن آصل من الفرح والسعادة. أعظم الأعمال الفنية والمآثر الخالدة أملاها الحُزن، وليس الفرح والطرب والخفة. نحن حزانى ومُشتاقون لأصلنا؛ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *، وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي *.
✍ نحن من هناك وننتمي إليه، وليس إلى هنا بشكل أصيل. أعظم مُكوّن فينا هو النفخة الروحانية الربانية، وبتعبير مولانا الرومي؛ الفيل عندما ينام، يرى في منامه أرض الهند. لأن أرض الهند، هي أصل الفيلة. وكل آدمي، لا تزال جذوة الروح فيه مُشتعِلة، دائماً يحن أبداً إلى ربه.
✍ مَن تعاهد هذه الجذوة، بالاهتمام والرعاية، وصل إلى حالة لا ينقطع فيها عن ربه، فيُصبِح ذاكراً له على الدوام. ومَن أحب شيئاً، أكثر من ذكره. أبو بكر الشبلي يقول:
ذكرتك لا أني نسيتك لمحة وأيسر ما في الذكر ذكر لساني.
فلما أراني الوجد أنك حاضري شهدتك موجوداً بكل مكان.
فخاطبت موجوداً بغير تكلم ولاحظت معلوماً بغير عيان.
✍ تصوير المسألة على أن علاقتنا بالله علاقة سمع وطاعة فقط، يُنتِج مُسلِمين فقراء روحياً، وفقراء أخلاقياً. ومن هنا هذا الشغف والتوقان إلى الحُكم على البشر وتصنيفهم، إن في الجنة أو في النار، اغتصاباً لحق الله.
✍ المُؤمِن المُحِب الصادق، له منظور عجيب في تلقي الخاطئين، ينظر إلى مَن تلطخ أو تلطخت بالخطايا، ويقول في نفسه لعلها عند الله أثقل مني ميزاناً وأشرف وأطهر. كيف تكون أشرف منك وأطهر، وأنت لم تُخطئ في حياتك، ولم ترتكب الفاحشة، وهي تعيش من الفاحشة؟ يقول لأن الله قيَّض الله لي برحمته ظروفاً جعلتني ما أنا، وهذه المسكينة أو هذا التاعس المسكين قُدِّر له أن يعيش ظروفاً، لو عشت أنا في ظلها، لربما كنت أكثر منه عتواً وإجراماً.
--------
مُستخلَص من خُطبة الله بين الحاكمية والمحبة، للدكتور #عدنان_إبراهيم.