لن نتكلم عن بحر المنسرح الذي اختاره شاعرنا المجيد لقصيدته ، او عن مقام النكريز الذي فضله موسيقارنا الكبير لهذه الاغنية ، او عن التنويعات التي قام بها موسيقارنا الكبير على النغمة الاساس اواستعراضه لفنون الارتجال ، وكما ورد في ادبيات التحليل الموسيقي ولكن اللافت هو اختياره لشاعر قديم له قصائد في أغراض شعرية شتى لكن اشهرها كانت في الفخر والحماسة لأنه عاش في فترة انتقالية بين عهدين وكانت بلاده ( العراق ) عرضة لهجمات خارجية ، لقد أستلت أبيات إحدى قصائده في الحماسة والفخر لتكتب على جدران صرح الجندي المجهول في بغداد ، لكن شاعرنا بدى اسمه مجلجلا في دنيا الشعر بعد هذه القصيدة ، ربما اراد القدر الا تبقى شهرته ابان العصر الذي عاش فيه ، بل ارادها باقية ماثلة والى الابد . رحلة " عبد الوهاب " في عالم الكلمة جعلته يجتاز نهر الشعر من الضفاف الى الضفاف ، فقد ودع المدن الجديدة العامرة وسافر بنا متراجعا عبر الزمن ليبحث بين شقوق جدران الماضي وأقبية التاريخ ومساربه ليأخذ إحدى قصائده فينفض عنها غبار السنين ويسقط الضوء على تضاريس زمن سبقه بسبعة قرون فيدخل بها عالما جديدا ومعطاءا ولتكون في صوته وموسيقاه زاهية ، ملونة ، واعدة .. انها قصيدة " قالت " للشاعر صفي الدين الحلي الطائي النسب ( 1277 الحلة ( بابل ) - 1339 بغداد ) .. اغنية فيها كسر للمألوف وتخطيا للقصيدة الرومانسية الكلاسيكية فيقوم بدور الحكاء والحبيب في آن واحد ،، قصيدة قصيرة مفتاحها بيتها الاول لتنثال ابياتها الست الأخر بروح عبقريته عازفة على وتر الحب وصبوه المتيم لرشح الوصال بعذوبة الفاظ ورشاقة نظم وتأنق عبارة ، مع تركيز واقتصاد وانتقالات خالية من السرد برقة وانسجام معان .. الفاظ وصلت الى حد الانصهار الذاتي وتوقد الاحاسيس حيال المحبوب مستها الشعلة العبقرية لموسيقارنا الكبير فكان لها .. مغامرة لحنية فيها تركيز وتقطيع وانسيابية تتوازى والنمو الدرامي للحدث يرويها لنا بصوته الندي الذي يحمل اللطف والاسراف العاطفي لكنه في الوقت ذاته يعتد بالتحدي والتمرد فيبث روحه بالكلمات ليمطرها بزخات لحنية أرست في براعة ملكة التعبير الموسيقي عن عمق الفكر والقلم عندما يتحول الى موسيقى وعذوبة صوت ، كلمات وعبارات ملكية ، الحان وايقاعات عبقرية ، حلقت بنا بعيدا فأقام بذلك تمثالا خرافيا قوامه الاشعار والالحان لتتأصل الآصرة الأزلية بين شياطين الشعر وملائكة الانغام . اجمل التحيات .. اختكم من العراق 🌴

رائعة

تسلم الانامل الرقيقة ... مساء الورد ..اختيار ولا اروع. ارتقابا لطيفك الحسن...