الظل الاسود
ال
كان عمر في السادسة عشر من عمره، يعيش وحيداً مع والدته في منزل قديم ضخم على أطراف المدينة. اشتهر المنزل بقصص الأشباح والخرافات، لكن عمر لم يكن يؤمن بمثل هذه التفاهات، حتى واجه ما جعله يغيّر رأيه.
في ليلة عاصفة، بينما كان عمر نائماً، سمع صوتاً غريباً ينبعث من الطابق العلوي. تجاهل الصوت في البداية، معتقداً أنه مجرد صريرّ ألواح الأرضية بسبب الرياح. لكن الصوت ازداد وضوحاً، فاستيقظ عمر خائفاً وتسلّل بخطوات خفيفة نحو الدرج.
كلما صعد عمر، ازداد برودة الجو وكأن هواءً ثقيلاً يضغط على صدره. وصل إلى الطابق العلوي ورأى باب غرفته القديمة مفتوحاً على مصراعيه. دخل بحذر، وقلبه يخفق في صدره كطبلة. وفجأة، انطفأت الأنوار، ولفّه ظلام دامس.
شعر عمر بأن شيئاً ما يراقبه من الظلّ، فارتجف جسده خوفاً. حاول تشغيل هاتفه، لكنّ البطارية كانت فارغة. حاول الصراخ، لكنّ صوته لم يخرج.
في تلك اللحظة، شعر عمر بيد باردة تلمس خده. حاول دفعها بعيداً، لكنّها تمسّكت به بقوة. ازدادت برودة اليد، وشعر عمر وكأن شيئاً ما يمتص طاقته.
صرخ عمر بأعلى صوته، وفجأة، عادت الأنوار. نظر حوله بِرعب، لكنّ الغرفة كانت فارغة. سقط على الأرض، منهكاً وخائفاً، متسائلاً عما حدث له حقاً.
منذ تلك الليلة، لم يعد عمر يشعر بالأمان في المنزل. لاحقه شعورٌ دائمٌ بالمراقبة، وسمع أصواتاً غريبة في الليل. حاول إقناع والدته ببيع المنزل، لكنّها رفضت، معتقدةً أنّ خياله يلعب به.
ظلّ عمر يعاني من كوابيس مرعبة، وفقد وزنه، وبدأ يهمل دراسته. أصبح شبحاً من نفسه، يعيش في خوف دائم من الظلّ الأسود الذي يطارده.
لم يعرف عمر ما هو ذلك الكائن الذي واجهه في تلك الليلة، لكنّه كان يعلم أنّ عليه أن يفعل شيئاً. لم يعد بإمكانه تحمل العيش في خوفٍ دائم.
في أحد الأيام، قرّر عمر مواجهة مخاوفه. صعد إلى الطابق العلوي، وفتح باب غرفته القديمة. دخل ببطء، حاملاً مصباحاً يدوياً. وفجأة، رأى ذلك الكائن مرة أخرى.
كان الكائن ضخماً، ذا عيون حمراء متوهجة، وجسم أسود يشبه الدخان. نظر عمر إلى الكائن برعب، لكنّه هذه المرة لم يشعر بالخوف. شعر بالغضب.
صرخ عمر في وجه الكائن، و أمره بمغادرة منزله. وفجأة، اختفى الكائن في الهواء.
شعر عمر براحة غريبة. علم أنّ الكائن لن يعود مجدداً. خرج من الغرفة، وشعر وكأنّه قد تحرّر من سجنٍ مظلم.
لم يخبر عمر والدته بما حدث، لكنّه علم أنّ حياته قد تغيّرت إلى الأبد. لم يعد ذلك المراهق الخائف، بل أصبح شاباً قوياً، مستعداً لمواجهة أيّ تحدٍّ.