أنا في بُعدك مفقود الهدى
ضائع أهفو إلى نورٍ كريم
أشتري الأحلام في سوق المنى
وأبيع العمر في سوق الهموم
لا تقل لي في غدٍ موعدنا
فالغد الموعود ناءٍ كالنجوم
أغدا قلت؟ فعلمني اصطبارا
ليتني أختصر العمر اختصارا
عبرت بي نشوةٌ من فرح
فرقصنا أنا والقلب سكارى
وعرانا طائفٌ من خبل
فاندفعنا بالأماني نتبارى
سنذم النور حتى يتلاشى
ونذم الليل حتى يتوارى
انفردنا أنا والقلب عشيا
ننسج الآمال والنجوى سويا
فركبنا الوهم نبغي دارها
وطوينا الدهر والعالم طيّا
فبلغناها وهللنا لها
ونزلنا الخُلد فينانا نديّا
ولقينا الحُسن غضّا والصّبا
وتملينا الجلال الأبديا
قال لي القلب: أحقا ما بلغنا؟
كيف نام القدر الساهر عنا؟
أتراها خدعة حاقت بنا؟
أتراها ظنة مما ظننا؟
قلت لا تجزع فكم من منزل
عز حتى صار فوق المتمنى
أذن الله به بعد النوى
فنعمنا ونعمنا واسترحنا وأمننا
يا جنان الخلد قدّمت اعتذاري
إذ يطوف الخلد سُقمي ودماري
أيها الآمر في مُلك الهوى
أعفُ عن لهفة روحي وأواري
أشتهى ضمّك حتى أشتفي
فكأني ظامئ آخذ ثاري
غير أني كلما امتدت يدي
لعناقٍ خفت أن تؤذيك ناري!
لذعتني دمعة تلفح خدي
نبهتني من ضلال ليس يجدي
اختفت تلك الرؤى عن ناظري
وطواها الغيب في سحر بردي
وتلفت فلا أنت ولا جنة الخلد
ولا أطياف سعدي
وإذا بي غارق في محنتي
وشقائي أقطع الأيام وحدي
هات قيثاري ودعني للخيال
واسقني الوهم وعلل بالمحال
ودع الصدق لمن ينشده
الحجى خصمي فاغمر بالضلال
وخذ الأنوار عني ربما
أجد الرحمة في جوف الليال
خلني بالشوق أستدني غدا
فغدا عندي كآمالٍ طوال
شعر إبراهيم ناجي
وألحان رياض السنباطي