هذا نص الخطبة لمن أراد الاستفادة منها : الخطبة الأولى:الحمد لله الذي جعل البيت الحرام مثابة للناس وأمناً، وأمرنا أن نتخذ من مقام إبراهيم مصلى ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والأمين المجتبى ،
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيِثِ كِتَابُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ - ﷺ -، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ.
عباد الله: اتقوا الله حق التقوى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
عباد الله: هذا هو اليوم الثامن يوم التروية ، ولم يبق لكم من عشركم المباركات إلا ثلاثة أيام فاستغلوا ما بقي وتوبوا عما فات . وصوموا غدا يوم عرفة :سُئِلَ النبي ﷺ عن صَوْمِ يَومِ عَرَفَةَ، فَقالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ المَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ
هذا يوم عظيم وهو التروية وهو أول أيام الحج ، وهذا وصف مختصر لحجته ﷺ ، يقول شيخنا ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
في السنة التاسعة أعلن أن النبي صلى الله عليه وسلم حاج العام المقبل. فاجتمع المسلمون من أجل أن يشاهدوا حج النبي ﷺ. فاجتمع خلق كثير كانوا من بين يدي النبي ﷺ ومن خلفه ويمينه وشماله كانوا مد البصر
خرج صلى الله عليه وسلم في الخامس والعشرين من ذي القعدة يوم السبت، وأحرم من ذي الحليفة منها وسار إلى مكة. ولما وصل البيت طاف طواف القدوم، وسعى سعي الحج والعمرة لأنه كان قارناً وبقي على إحرامه.
لم يتحلل النبي ﷺ ، لأنه كان قد ساق الهدي. وأمر أصحابه أن يحلوا. ثم نزل بالأبطح يوم الأحد الرابع من شهر ذي الحجة. وفي اليوم الثامن توجه صلوات الله وسلامه عليه بأصحابه إلى منى. فنزل هناك وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصراً بلا جمع. ولما طلعت الشمس سار إلى عرفة ونزل بنمرة.. فلما زالت الشمس أمر أن تُرْحَلَ ناقتُه. ونزل في وادي عرنة في المكان الذي بني فيه المسجد الآن. نزل هناك وأمر المؤذن فأذن للظهر. فصلى الظهر ركعتين، ثم العصر ركعتين، ثم خطب الناس خطبةً عظيمةً بليغةً تناولها أهل العلم بالشرح واستنباط الفوائد... ويقال : إنه ما من أحد في عرفة إلا سمع الخطبة، يعني : أن الله عز وجل سهل للمسلمين أن يسمعوها.
ثم ارتحل ناقته إلى المكان الذي اختار أن يقف فيه. وهو عند جبل عرفات الذي يسمى: جبل الرحمة. وهي تسمية حادثة وإلا فاسمه إلال على وزن هلال أو جبل عرفة وهو معروف الآن.. وقف على بعيره يدعو الله عز وجل رافعاً يديه اليمنى واليسرى حتى إن خِطام ناقته لما سقط أخذه بيده بإحدى يديه وهو رافع الأخرى إلى أن غابت الشمس. ثم دفع متجهاً إلى مزدلفة .. فأتاها بعد دخول وقت العشاء فتوضأ وأمر فنودي للصلاة، ثم صلى المغرب ثم العشاء ثم بات هناك. ولما طلع الفجر أمر فأذن للفجر ثم صلى الفجر بغلس مبكراً على خلاف العادة. وبعد ذلك ركب حتى أتى المشعر الحرام مكان المسجد اليوم. ووقف على بعيره يدعو الله ويستغفر الله حتى أسفر جداً، وكان يقول في عرفة : وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف . وفي مزدلفة يقول : وقفت هاهنا وجمع - يعني: مزدلفة - كلها موقف كأنه ﷺ يشير إلى أن يبقى كل أناس بمكانهم حتى لا يزدحموا .. والحكم واحد والأجر واحد. ولما أسفر جداً سار من مزدلفة إلى منى.. حتى أتى الجمرة ووقف وأمر عبد الله بن عباس أن يلقُط الحصى فلقط سبع حصيات فوق الحُمَّص ودون البندق. وجعل يقلبها بين يديه ويقول : بأمثال هؤلاء فارموا وإياكم والغلو في الدين . رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة..ثم نحر هديه، أهدى مائة بعير عليه الصلاة والسلام.. نحر بيده الكريمة ثلاثاً وستين بعيراً. وأعطى عليا الباقي فينحر. ثم حلق رأسه وبدأ بالشق الأيمن وقسم الشعر على الناس..ثم تحلل ﷺ ثم نزل إلى مكة فطاف بالبيت وشرب من ماء زمزم وصلى الظهر هناك. ثم خرج إلى منى، ووجد أناساً لم يصلوا، فصلى مرةً أخرى .. وبات في منى ليلة الحادي عشر. ولما زالت الشمس من اليوم الحادي عشر رمى الجمرات بعد الزوال وقبل أن يصلي الظهر. رمى الجمرة الأولى بسبع حصيات، ثم تقدم ودعا. ثم الوسطى بسبع حصيات، ثم تقدم ودعا ثم جمرة العقبة ولم يقف. ثم عاد إلى رحله. وبات في منى ليلة الثاني عشر. وفي اليوم الثاني عشر فعل كما فعل في اليوم الحادي عشر، ثم بات في منى ليلة الثالث عشر، ورمى الجمرات في اليوم الثالث عشر كما رماها في اليوم إيش؟ الثاني عشر. ثم نزل إلى مكة وصلى الظهر في مكة - ظهر يوم الثالث عشر- وبات في مكان يقال له: المحصَّب.. وفي آخر الليل ..أتى البيت فطاف للوداع. ثم صلى صلاة الفجر. ثم غادر إلى مهاجره طيبة المدينة. فبقي في مكة ..عشرة أيام - من الرابع إلى الرابع عشر -. ولهذا سئل أنس بن مالك : كم أقمتم في مكة؟ قال : أقمنا فيها عشراً بارك الله لي ولكم ..
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيماً لشأنه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد: هنا عدة تنبيهات :
ثم اعلموا أن الأضحية شعيرة عظيمة حافظ عليها النبي ﷺ فحافظوا عليها وطيبوا بها نفسا ولها أحكام كثيرة لا يتسع المقام لذكرها فراجعوها في مظانها.
أحضروها إلى بيوتكم وشاركوا أهلكم الفرحة بها وعلموهم هذه الشعيرة العظيمة
احرصوا على صلاة العيد وزيارة الأقارب والأرحام وافرحوا بهذه النعم المتوالية
ثم اعلموا أن أمن الحج خط أحمر ، والدولة ماضية في الحفاظ على سلامة الحجيج وضاربة بيد من حديد على كل العابثين ، فليحذر من تسول له نفسه القيام بأي عبث ، فمن أراد الحج فله ذلك ومن أراد العبث فليس له إلا الحزم
ثم اعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته المسبحة بقدسة فقال سبحانه:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) اللهم صل وسلم على نبيك محمد ﷺ اللهم سلم الحجاج .